رمضان- تزكية النفس، وتجديد الروح، وارتقاء بالإنسان.
المؤلف: علي بن محمد الرباعي10.06.2025

يزعم الكثير من المسلمين أنّهم يتوقون للاستفادة القصوى من شهر رمضان المبارك، على كافة الأصعدة الروحانية، والسلوكية، والفكرية، والصحية، والإحسانية. لكنّ تحقيق هذه الغايات النبيلة لا يتحقق بالتمني فحسب، بل يتطلب جهداً مضنياً، فكما قالوا قديماً "لا بد دون الشهد من إبر النحل". فالصيام ليس مجرد عادة اجتماعية أو احتفالاً موسمياً، بل هو، كما وصفه عيّاد أبلال، "أنسنة المتعالي وروحنة الإنساني".
لاشكّ أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والتسامح والأخلاق الكريمة. فالشخص الذي يتمتع بصحة جيدة وأمان في وطنه، ويمتلك ما يكفيه من رزق يومه، يجب عليه أن يسجد شكراً لله على هذه النعم العظيمة. ففي خضم انغماسنا في الطقوس الدينية، قد ننسى أولئك الذين يعانون ويتألمون، كالمرضى الراقدين على أسرة المستشفيات، الذين حرموا من نعمة الصيام، أو الأيتام والأرامل والمحتاجين الذين يتوقون لمن يمد لهم يد العون، بالإضافة إلى الذين يعانون من متاعب نفسية وأحزان عميقة تحتاج إلى المواساة والدعم. ولا ننسى أيضاً حماة الوطن الذين يسهرون على حماية حدودنا، فلهم علينا حق الدعاء بالنصر والعون.
وفيما يتعلق بصحتنا وعافيتنا، نجد الكثيرين مستعدين لإنفاق الأموال الطائلة لاستعادة لياقتهم وصحتهم التي أضاعوها طوال العام، نتيجة الإهمال والعادات السيئة. فشهر رمضان، بما يكتنزه من طاقة روحية هائلة، يمثل فرصة ذهبية لإصلاح ما أفسدته عاداتنا الخاطئة. فلنجعل من هذا الشهر الفضيل نقطة تحول إيجابية في حياتنا على كافة المستويات.
ومن أهم جوانب هذا التحول هو الترشيد في استهلاك الطعام وتجنب الإسراف والتبذير. فلتكن ثقافة الترشيد صفة ملازمة لنا في شهر رمضان وما بعده. والترشيد ليس فقط في الأمور المادية، بل أيضاً في المشاعر والانفعالات. فسعة الصدر والتسامح هبة من الله تحتاج إلى تدريب وممارسة. وقد يعتذر البعض، خاصة المدخنين أو مرضى السكري والضغط، عن عصبيتهم وتقلب مزاجهم خلال الصيام، ويلقون باللوم على الصوم، ناسين أن الصوم هو فرصة للتهذيب والتربية.
ذات مرة، قال لي صديق متشائم: "لا تتعب نفسك، فالذي لم يلتزم طوال أحد عشر شهراً لن يلتزم في شهر واحد!". فأجبته: "المحاولة المستمرة تثمر دائماً". فردّ قائلاً: "هذا كان في الماضي، أما اليوم فقد يعجز الليزر والنانو عن تفتيت بعض الصخور". كدت أوافق على كلامه، خاصة عندما أضاف: "داخل كل إنسان شيطان كامن، لا ينشط إلا في مواسم الخير!".
وروى لي صديق آخر قصة حدثت له منذ زمن بعيد، عندما كان متشدداً دينياً واصطحب والدته للحج. وفي يوم رمي الجمرات، رأى جمعاً غفيراً من الحجاج يندفعون بعنف ويتسببون في إيذاء الآخرين. ورغم أنه كان يردد "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"، إلا أنه لم يتمكن من تطبيقها. ورغم ضعفه الجسدي، حاول أن يعترض طريق أحدهم، لكن الحاج العملاق لم يلتفت إليه، وربما لم يشعر به أصلاً في تلك الزحمة. يؤكد هذا الصديق أن في داخلنا شخصيات متعددة لا نعرف متى تظهر ولماذا، حتى في أطهر الأماكن وأكثر المواسم قدسية!
بالطبع، فإن معظمنا يمتلك ثقافة جيدة حول الأمور النافعة والضارة، لكن الخطب والمواعظ لن تجدي نفعاً طالما استمرت ثقافتنا الاستهلاكية في الانتشار، حتى في ظل الشكوى من غلاء الأسعار وفواتير الخدمات والمخالفات المرورية.
لا شك أنه لا يوجد حرج في إظهار نعم الله علينا، ولكن يجب ألا ينسينا رغد العيش مآسي الآخرين، وألا يلهينا الأمن والاستقرار الذي نعيشه عن الخوف الذي يعتصر قلوب الملايين من المهجرين والمشردين. فكما كانت تقول أمي رحمها الله: "العالم يغلي يا ولدي، ولم نعد نعرف على من نبكي!".
إشارة أخيرة: بينما يتذمر بعض المسلمين من صيام شهر رمضان بحجج واهية، هناك أشخاص من ديانات وفلسفات مختلفة يشاركوننا الصيام، لأن الانتماء لدين أو فكرة أو مذهب أو فلسفة ليس الهدف منه الحرمان، بل الارتقاء بروح الإنسان والسمو بها.
لاشكّ أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والتسامح والأخلاق الكريمة. فالشخص الذي يتمتع بصحة جيدة وأمان في وطنه، ويمتلك ما يكفيه من رزق يومه، يجب عليه أن يسجد شكراً لله على هذه النعم العظيمة. ففي خضم انغماسنا في الطقوس الدينية، قد ننسى أولئك الذين يعانون ويتألمون، كالمرضى الراقدين على أسرة المستشفيات، الذين حرموا من نعمة الصيام، أو الأيتام والأرامل والمحتاجين الذين يتوقون لمن يمد لهم يد العون، بالإضافة إلى الذين يعانون من متاعب نفسية وأحزان عميقة تحتاج إلى المواساة والدعم. ولا ننسى أيضاً حماة الوطن الذين يسهرون على حماية حدودنا، فلهم علينا حق الدعاء بالنصر والعون.
وفيما يتعلق بصحتنا وعافيتنا، نجد الكثيرين مستعدين لإنفاق الأموال الطائلة لاستعادة لياقتهم وصحتهم التي أضاعوها طوال العام، نتيجة الإهمال والعادات السيئة. فشهر رمضان، بما يكتنزه من طاقة روحية هائلة، يمثل فرصة ذهبية لإصلاح ما أفسدته عاداتنا الخاطئة. فلنجعل من هذا الشهر الفضيل نقطة تحول إيجابية في حياتنا على كافة المستويات.
ومن أهم جوانب هذا التحول هو الترشيد في استهلاك الطعام وتجنب الإسراف والتبذير. فلتكن ثقافة الترشيد صفة ملازمة لنا في شهر رمضان وما بعده. والترشيد ليس فقط في الأمور المادية، بل أيضاً في المشاعر والانفعالات. فسعة الصدر والتسامح هبة من الله تحتاج إلى تدريب وممارسة. وقد يعتذر البعض، خاصة المدخنين أو مرضى السكري والضغط، عن عصبيتهم وتقلب مزاجهم خلال الصيام، ويلقون باللوم على الصوم، ناسين أن الصوم هو فرصة للتهذيب والتربية.
ذات مرة، قال لي صديق متشائم: "لا تتعب نفسك، فالذي لم يلتزم طوال أحد عشر شهراً لن يلتزم في شهر واحد!". فأجبته: "المحاولة المستمرة تثمر دائماً". فردّ قائلاً: "هذا كان في الماضي، أما اليوم فقد يعجز الليزر والنانو عن تفتيت بعض الصخور". كدت أوافق على كلامه، خاصة عندما أضاف: "داخل كل إنسان شيطان كامن، لا ينشط إلا في مواسم الخير!".
وروى لي صديق آخر قصة حدثت له منذ زمن بعيد، عندما كان متشدداً دينياً واصطحب والدته للحج. وفي يوم رمي الجمرات، رأى جمعاً غفيراً من الحجاج يندفعون بعنف ويتسببون في إيذاء الآخرين. ورغم أنه كان يردد "لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"، إلا أنه لم يتمكن من تطبيقها. ورغم ضعفه الجسدي، حاول أن يعترض طريق أحدهم، لكن الحاج العملاق لم يلتفت إليه، وربما لم يشعر به أصلاً في تلك الزحمة. يؤكد هذا الصديق أن في داخلنا شخصيات متعددة لا نعرف متى تظهر ولماذا، حتى في أطهر الأماكن وأكثر المواسم قدسية!
بالطبع، فإن معظمنا يمتلك ثقافة جيدة حول الأمور النافعة والضارة، لكن الخطب والمواعظ لن تجدي نفعاً طالما استمرت ثقافتنا الاستهلاكية في الانتشار، حتى في ظل الشكوى من غلاء الأسعار وفواتير الخدمات والمخالفات المرورية.
لا شك أنه لا يوجد حرج في إظهار نعم الله علينا، ولكن يجب ألا ينسينا رغد العيش مآسي الآخرين، وألا يلهينا الأمن والاستقرار الذي نعيشه عن الخوف الذي يعتصر قلوب الملايين من المهجرين والمشردين. فكما كانت تقول أمي رحمها الله: "العالم يغلي يا ولدي، ولم نعد نعرف على من نبكي!".
إشارة أخيرة: بينما يتذمر بعض المسلمين من صيام شهر رمضان بحجج واهية، هناك أشخاص من ديانات وفلسفات مختلفة يشاركوننا الصيام، لأن الانتماء لدين أو فكرة أو مذهب أو فلسفة ليس الهدف منه الحرمان، بل الارتقاء بروح الإنسان والسمو بها.